سورة لو انزلت وحدها على الخلق لكفتهم...
سورة لو انزلت وحدها على الخلق لكفتهم...
سورة العصر هي للرجال والنساء.. للمجتمع.. للأمة جميعا..
قيادة شعوبا كبارا صغارا، ولذلك يقول الشافعي (رحمه الله):
لو لم ينزل الله -سبحانه وتعالى- على الخلق إلا هذه السورة لكفتهم جامعة مانعة.. سهلة ميسرة.. فيها أسباب السعادة لمن يقرأ، ولمن يتدبر، ومن يفهم..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَالْعَصْرِ{1} إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ{2} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}
ماذا بقي من سعادة؟
يقسم الواحد الأحد بالعصر.. قيل الزمن كله، وقيل وقت العصر لشرفه ، وما جواب القسم؟ { إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ } الإنسان بلا إيمان.. الإنسان بلا دين فهو خاسر.. هالك مدحور.. ليس له خير، ولا عنده نور، ولا عنده بركة إلا لأن غالب الناس الآن المستثنى دائما أقل من المستثنى منه..
غالب الناس ترى بعيدين عن منهج الله، { وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }، { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ} لكن المستثنى منه هذا يخرجون من الهلاك.. يخرجون من الخسارة.. لا تقول لي صاحب الثروة أو صاحب المنصب أو صاحب الجاه أو صاحب العلم المجرد أو صاحب الشهرة أنه ناجي لا لا، هناك تحديد شرعي، وضبط لهذه المسألة، وتقنين لها بالكتاب والسنة { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} يخرجون من أهل الخسارة.. يخرجون من أهل الهلاك ، الذين آمنوا أولا:
حققوا الإيمان بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولا، { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} فانظر إلى هذا الشرف.. هذا تاج القبول أن تكون عبدا لله مؤمنا به.. مؤمنا برسوله.. مؤمنا بدينه.. { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} مع إيمانهم ليس الإيمان مجرد كلام أو عواطف فقط.
المسألة مسألة مع الإيمان، والاعتقاد عمل فقاموا بأعمال صالحة من الفرائض، والنوافل، والأخلاق الجميلة، والآداب العالية، وتأدبوا الأخلاق العالية ظاهرا وباطنا، آمنوا وعملوا الصالحات كل ما رضيه الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- عمل صالح من قول، وفعل، ومعتقد يدخل في ذلك الإحسان في الخليقة، وعملوا الصالحات.
ولذلك تجد الأمر جماعي تجد أن هذه السورة تجعل أن الأمة كلها أمة واحدة.. كذلك أن أهل الإيمان متآخين متحابين متصافين متعاونين لم يخاطبهم واحدهم {آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} إذا هم متعاونون على طاعة الله، وإذا هم مؤسسة واحدة عظمى عضوها كل صالح بار، وإذا هم جمعية كبرى أفرادها كل خير يبدأ من الميمنة من درجة أبي ذر في الزهد ، وفي الميسرة من درجة أبي محجن الثقفي على ما عنده فهذا أهل الإيمان يقول: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} الحق الذي بعث به محمد -صلى الله عليه وسلم- الكتاب والسنة كل ما فيه حق تواصوا به قولا، وعملا، واعتقادا فهم متواصون متآمرون بالحق، وقائمون به؛ لأن الحق فيما بعث به -صلى الله عليه وسلم- قلت لكم وما سواه فليس بحق حتى قال بعض الكتاب هو عندنا هو ما نريده أصلا الذي بعث به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما سواه فليس لنا في حاجة نستفيد بالمعرفة الدنيوية.. صناعة مهنة.. حرفة آلة.. لكن الحق الديني الشرعي الاعتقاد الأخلاقي السلوكي كله قد بعث به -صلى الله عليه وسلم- والحمد لله
محمد -صلى الله عليه وسلم- يقول: "تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك" فلم يترك خيرا إلا دلنا عليه، ولا شرا إلا حذرنا منه -صلى الله عليه وسلم- { وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} الحق يحتاج إلى صبر، والمبادئ الكبرى تحتاج إلى حمل، والحمل، والحمل يحتاجون أن يصبروا، وأن يواصلوا؛ لأن الميثاق الذي أتى به -صلى الله عليه وسلم- يحتاجه رجالا، ونساء، وما حمل هذا الحق يحتاج أن يصبرون، ويواصلوا المسيرة.. لكن لا يصبروا فقط يتواصون فيما بينهم كلما كلوا وملوا ، يقولون: اصبروا قربنا نحن يعني إن شاء الله نصل قربت النتيجة.. قرب النجاح.. كلما أحسوا بتعب الطاعة أو بقسوة المعصية أو بمرارة النكبة، والقضاء والقدر قاموا فتواصوا بالصبر.. أوصى بعضهم بالصبر عزاه سلاه، وقف معه إن هذه السور هي سورة السعادة ، إن سورة المجتمع الواحد إنها الرسالة الربانية للأمة أفرادا، وشعوبا.. إنها السورة التي أتت بأصول الحياة المطمئنة الراشدة التي ينبغي أن تكون عليه حياة الإيمان وفقنا الله إلى تدبر كتابه العظيم.
والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاتة
المصدر:
عائض القرني
سورة لو انزلت وحدها على الخلق لكفتهم...
سورة العصر هي للرجال والنساء.. للمجتمع.. للأمة جميعا..
قيادة شعوبا كبارا صغارا، ولذلك يقول الشافعي (رحمه الله):
لو لم ينزل الله -سبحانه وتعالى- على الخلق إلا هذه السورة لكفتهم جامعة مانعة.. سهلة ميسرة.. فيها أسباب السعادة لمن يقرأ، ولمن يتدبر، ومن يفهم..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَالْعَصْرِ{1} إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ{2} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}
ماذا بقي من سعادة؟
يقسم الواحد الأحد بالعصر.. قيل الزمن كله، وقيل وقت العصر لشرفه ، وما جواب القسم؟ { إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ } الإنسان بلا إيمان.. الإنسان بلا دين فهو خاسر.. هالك مدحور.. ليس له خير، ولا عنده نور، ولا عنده بركة إلا لأن غالب الناس الآن المستثنى دائما أقل من المستثنى منه..
غالب الناس ترى بعيدين عن منهج الله، { وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }، { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ} لكن المستثنى منه هذا يخرجون من الهلاك.. يخرجون من الخسارة.. لا تقول لي صاحب الثروة أو صاحب المنصب أو صاحب الجاه أو صاحب العلم المجرد أو صاحب الشهرة أنه ناجي لا لا، هناك تحديد شرعي، وضبط لهذه المسألة، وتقنين لها بالكتاب والسنة { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} يخرجون من أهل الخسارة.. يخرجون من أهل الهلاك ، الذين آمنوا أولا:
حققوا الإيمان بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولا، { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} فانظر إلى هذا الشرف.. هذا تاج القبول أن تكون عبدا لله مؤمنا به.. مؤمنا برسوله.. مؤمنا بدينه.. { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} مع إيمانهم ليس الإيمان مجرد كلام أو عواطف فقط.
المسألة مسألة مع الإيمان، والاعتقاد عمل فقاموا بأعمال صالحة من الفرائض، والنوافل، والأخلاق الجميلة، والآداب العالية، وتأدبوا الأخلاق العالية ظاهرا وباطنا، آمنوا وعملوا الصالحات كل ما رضيه الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- عمل صالح من قول، وفعل، ومعتقد يدخل في ذلك الإحسان في الخليقة، وعملوا الصالحات.
ولذلك تجد الأمر جماعي تجد أن هذه السورة تجعل أن الأمة كلها أمة واحدة.. كذلك أن أهل الإيمان متآخين متحابين متصافين متعاونين لم يخاطبهم واحدهم {آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} إذا هم متعاونون على طاعة الله، وإذا هم مؤسسة واحدة عظمى عضوها كل صالح بار، وإذا هم جمعية كبرى أفرادها كل خير يبدأ من الميمنة من درجة أبي ذر في الزهد ، وفي الميسرة من درجة أبي محجن الثقفي على ما عنده فهذا أهل الإيمان يقول: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} الحق الذي بعث به محمد -صلى الله عليه وسلم- الكتاب والسنة كل ما فيه حق تواصوا به قولا، وعملا، واعتقادا فهم متواصون متآمرون بالحق، وقائمون به؛ لأن الحق فيما بعث به -صلى الله عليه وسلم- قلت لكم وما سواه فليس بحق حتى قال بعض الكتاب هو عندنا هو ما نريده أصلا الذي بعث به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما سواه فليس لنا في حاجة نستفيد بالمعرفة الدنيوية.. صناعة مهنة.. حرفة آلة.. لكن الحق الديني الشرعي الاعتقاد الأخلاقي السلوكي كله قد بعث به -صلى الله عليه وسلم- والحمد لله
محمد -صلى الله عليه وسلم- يقول: "تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك" فلم يترك خيرا إلا دلنا عليه، ولا شرا إلا حذرنا منه -صلى الله عليه وسلم- { وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} الحق يحتاج إلى صبر، والمبادئ الكبرى تحتاج إلى حمل، والحمل، والحمل يحتاجون أن يصبروا، وأن يواصلوا؛ لأن الميثاق الذي أتى به -صلى الله عليه وسلم- يحتاجه رجالا، ونساء، وما حمل هذا الحق يحتاج أن يصبرون، ويواصلوا المسيرة.. لكن لا يصبروا فقط يتواصون فيما بينهم كلما كلوا وملوا ، يقولون: اصبروا قربنا نحن يعني إن شاء الله نصل قربت النتيجة.. قرب النجاح.. كلما أحسوا بتعب الطاعة أو بقسوة المعصية أو بمرارة النكبة، والقضاء والقدر قاموا فتواصوا بالصبر.. أوصى بعضهم بالصبر عزاه سلاه، وقف معه إن هذه السور هي سورة السعادة ، إن سورة المجتمع الواحد إنها الرسالة الربانية للأمة أفرادا، وشعوبا.. إنها السورة التي أتت بأصول الحياة المطمئنة الراشدة التي ينبغي أن تكون عليه حياة الإيمان وفقنا الله إلى تدبر كتابه العظيم.
والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاتة
المصدر:
عائض القرني